اعلن الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (افلا) رسمياً عن اختيار مكتبة قطر الوطنية، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، كاول مركز اقليمي عربي لحفظ وصيانة التراث العربي والاسلامي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. جاء هذا الاعلان خلال مؤتمر (افلا) السنوي الواحد والثمانين، الذي انعقد في مدينة كيب تاون بجنوب افريقيا.
وتواصل مكتبة قطر الوطنية بذل الجهود لتطوير طُرق حفظ التراث ونشره، عملاً برسالة مؤسسة قطر الرامية لتعميم المعارف وتنشئة اجيال مثقفة وملمة بتاريخها، وذلك من خلال تعزيز سبل التعاون مع العديد من المؤسسات الاقليمية والدولية التي تُعنى بالحفاظ على التراث مثل المكتبة الرقمية العالمية.
وتقوم المكتبة الوطنية بالتعاون مع المكتبة الرقمية العالمية بتنظيم ندوة اقليمية سنوية تُشارك فيها المكتبات في المنطقة، وتتيح مثل هذه الندوة وغيرها من اللقاءات الفرصة امام المشاركين لتبادل الخبرات، والاطلاع على افضل الممارسات في مجال الحفاظ على التراث العربي الاسلامي، واتاحته لجميع المهتمين حول العالم.
ويعتمد الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (افلا) شبكة من 13 مركزاً لحفظ وصيانة التراث في جميع انحاء العالم.
وقد اعتمد مركز الحفظ والترميم التابع لمكتبة قطر الوطنية ليقدم الخدمة في مجال حفظ التراث لحوالي 25 دولة تعتمد اللغة العربية كلغة اساسية فيها.
وتهدف مراكز حفظ التراث وصيانته التي يعتمدها (افلا) الى اتاحة الوصول للمواد الارشيفية التراثية في المكتبات بسهولة، والحفاظ عليها في جميع صيغها المنشورة وغير المنشورة لاطول فترة زمنية ممكنة، واتاحتها للمهتمين، بما يتفق مع معايير الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات التي حددها لمراكز حفظ التراث حول العالم.
وبهذه المناسبة، علّق الدكتور يواخيم جيرليكز، المدير المشارك للمجموعات الخاصة والارشيف في مكتبة قطر الوطنية قائلاً: «اننا نشعر بالفخر باعلان مكتبة قطر الوطنية كاول مركز اقليمي عربي لحفظ وترميم التراث في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وياتي ذلك نتيجةً للجهود الدؤوبة التي تقوم بها المكتبة الوطنية من اجل الحفاظ على التراث في دولة قطر والمنطقة بشكل عام».
كما صرح المهندس سعدي السعيد، المدير المشارك للشؤون الادارية والتخطيط، قائلاً: «نفخر باختيار مكتبة قطر الوطنية كاول مركز لحفظ وترميم التراث ونشره في المنطقة».
واضاف: «يتفق ذلك مع وظيفة المكتبة الوطنية التي تتمثل في جمع وتسهيل الوصول الى مصادر المعرفة العالمية ذات الصلة بدولة قطر والمنطقة، كما سيُساهم هذا المركز في جعل مكتبة قطر الوطنية منبراً للتراث في المنطقة بشكل عام، وسيمهد الطريق امام تعزيز قنوات التعاون بين المكتبات في المنطقة».
ومن جهتها، قالت الدكتورة كلوديا لوكس، مدير مشروع مكتبة قطر الوطنية: «ان اختيار مكتبة قطر الوطنية كاول مركز عربي مُعتمد لحفظ وصيانة التراث في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا يُلقي على عاتقها مهمة اضافية تتمثل في دعم حفظ تراث المنطقة العربية بشكل عام. كما انه يفتح الطريق لتكون المكتبة الوطنية ضمن الشبكة الدولية التي تقوم بمهمة حفظ التراث على مستوى العالم ككل، مثل منظمة اليونيسكو وغيرها من المنظمات الدولية، بالاضافة الى الاطلاع على افضل الممارسات الدولية في هذا المجال».
ويعتبر مركز الحفظ والترميم التابع لمكتبة قطر الوطنية من المراكز الرائدة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، حيث يتوافق مع المعايير الدولية المعمول بها في عمليات حفظ ومعالجة وترميم الوثائق التراثية.
وتتوفر في المركز احدث الاجهزة الفنية الخاصة بمعالجة وحفظ وترميم الوثائق التراثية، مثل الوحدات المجهزة بالاضاءة الخاصة بعمليات الترميم، واجهزة تفريغ الهواء والتقطيع، ومكابس هيدروليكية خاصة، واجهزة لمعالجة وتقييم الكتب والاوراق، ووحدات خاصة للتخزين، ورفوف لتجفيف الوثائق والاوراق التي تمت معالجتها. كما سيوفر المركز ايضاً منطقة خاصة للحد من المخاطر البيولوجية في المكتبات اثناء عمليات معالجة الوثائق، وميكروسكوبات عالية الدقة لتحليل المواد التراثية المختلفة وتحديد خصائصها.
وفي السياق ذاته، يتم حالياً التشاور مع الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات حول الانشطة والخدمات التي سيقدمها مركز حفظ وصيانة التراث التابع لمكتبة قطر الوطنية التي ستتضمن تنظيم ورش العمل الخاصة بعمليات حفظ الوثائق وترميمها ومعالجتها، واطلاق نافذة الكترونية من خلال الموقع الالكتروني الخاص بمكتبة قطر الوطنية باللغتين العربية والانكليزية، وتوفير معلومات مجانية بشكل مطبوع والكتروني باللغة العربية حول عمليات حفظ ورقمنة الوثائق التراثية، والمواد التي يتم استعمالها اثناء عمليات الحفظ والترميم.
الجدير بالذكر ان مكتبة قطر الوطنية تحتوي على مجموعة تراثية تسهم بطريقة فريدة في اثراء المشهد الثقافي لدولة قطر. وكان الشيخ حسن بن محمد بن علي ال ثاني قد وضع النواة الاولى لهذه المجموعة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وتمثّل هدفه الاساسي من انشائها في توفير مصادر تاريخية قيِّمة وثرية عن دولة قطر، من ابرزها القسم الخاص بالمطبوعات العربية القديمة الذي يوفر مواد نادرة من الكتب القديمة باللغة العربية والتي تمت طباعتها بشكل اساسي في اوروبا او في العالم العربي مع بدايات ظهور الطباعة، مثل الكتب التي تمت طباعتها في مطبعة الشوير في لبنان، وحلب والموصل وبولاق والحجاز.