كيف يعيش البشر والشعوب فترات الحروب؟ سؤال يطرح نفسه على الجميع ولكل منهم وجهات نظرهم وافكارهم. لكن اولئك الذين عاشوا التجربة وخبروها لهم بالتاكيد رؤيتهم الخاصّة بهم. ذلك ان الفرق كبير بين من يعيش الحرب من موقع المراقب البعيد وبين من يكتوي بنيرانها يومياً ويعاني منها في جميع لحظات حياته واحياناً يعاني منها في جسده وربما يعرف الامها عبر فقدان اعزاء عليه.
الحديث عن الحروب يترافق كثيرا مع الحديث عن الشجاعة. وتحت عنوان «ثمن الشجاعة» يتعرّض الصحافي الاميركي السابق في «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» لشرح تجربة الحرب كما عاشها ثلاثة فرنسيين اخوة اثناء الحرب العالمية الثانية.
وفيما هو ابعد من «الحكاية» المتعلّقة بالاشخاص المعنيين يعالج المؤلف انماط سلوك البشر في مواجهة الحروب، كما يقدّم لجمهور القرّاء الاميركيين معلومات «يجهلونها كثيرا عن الدور الذي لعبته» المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي اعتبارا من شهر يونيو من عام 1940 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
وهذا كتاب يمكن قراءته كانه عمل روائي زاخر بالمشاعر الانسانية. ويدفع من يقراه الى التساؤل حول مفهوم الشجاعة والى اي مدى يمكن للبشر ان يحافظوا على شجاعتهم عندما يكون الرهان هو حياة اخ او اب او ام. لكن رغم البعد «الروائي» في هذا العمل فانه قبل كل شيء عمل «توثيقي» غني بالتفاصيل الدقيقة الخاصّة بما كانت عليه المقاومة الفرنسية وبالدور الذي لعبته والاثمان التي دفعتها من حياة مواطنين فرنسيين قبلوا «ثمن الشجاعة».
لكن يبقى القاسم المشترك بين هؤلاء جميعا انهم تجاوزوا كل «الامتيازات التي كانت توفرها لهم اسرتهم الميسورة ليساهموا في المقاومة ضد الاحتلال النازي لبلادهم وضد حكومة «فيشي» التي تعاملت معه».
ما يشرحه المؤلف على مدى العديد من الصفحات ان الالم الذي سببته الحرب بالنسبة لعائلة «بولوش» كان كبيرا الى درجة ان الاحياء منها رفضوا بصورة قاطعة الحديث عن الامر خلال سنوات طويلة. وقبولهم لعرض الحكاية كلّها كان على خلفية «الصداقة» مع الصحافي الاميركي التي تمّ نسجها على مدى سنوات ايضاً. والمصادر التي يعتمد عليها المؤلف هي ذات علاقة مباشرة بالموضوع، كما يشير.