انقطاع كابلات الانترنت الموجودة تحت البحر، يسبب خسائراً كبيرة جداً للدول، وهو ما حدث في الوطن العربي في 2008 عندما قطعت 5 كابلات بحرية في الشرق الاوسط، ليؤثر علينا وعلى عشرات الملايين من البشر، فقد خسرت مصر وباكستان 70% من قدرتها على الاتصال بالانترنت، وتداول سكانها انذاك نظريات المؤامرة وان الامر بفعل فاعل، وتاثرت الكويت والسعودية والامارات وعُمان والجزائر والسودان وسوريا والبحرين وقطر والهند ودول اخرى، وخسرت الاسواق المالية الملايين بسبب اعتمادها على عصب الحياة الرقمية المقطوع، لكن الخسائر لم تكن فادحة بسبب حدوثه في نهاية الاسبوع.
اصلاح الكوابل التالفة امر شاق، ولا يتم الا بواسطة فرق متخصصة وعبر سفن اصلاح خاصة، فعند حدوث اي عطل، يتم اولاً تحديد مكان التلف في الكابل البحري عن طريق اشارة ضوئية يرسلها، بعد تحديد مكان التلف، تذهب سفينة فريق العمل وترفع الكابل المعطل وتقوم بوصله، واعادته تحت سطح الماء.
تخيل ان تصبح هذه الكابلات البحرية قادرة على اصلاح نفسها ان قطعت ببساطة، سوف يكون اسهل بالتاكيد من رحلة الاصلاح الشاقة هذه، وهذا ما قام به العلماء في جامعة ولاية بنسلفانيا، فقد قاموا بابتكار بوليمر قابل للتشكيل يستطيع اصلاح نفسه ان تعرض للماء، وقد صنعوه من سن الحبار البحري الحلقية.
فقد قام فريق الباحثين بقيادة الاستاذ مليك دميرل، بدراسة السن الحلقية الماصة التي قاموا بجمعها من الحبار في اماكن مختلفة في العالم، وبالرغم من تنوع التركيب الدقيق لهذه الاسنان والتي تختلف باختلاف الانواع، فقد وجد ان البروتينات التي تعطيها القدرة على شفاء ذاتها، هي نفس البروتينات.
المشكلة ان مستخرج هذا البروتين من كل حبار كان منخفضاً، مما يعني ان العلماء سوف يحتاجون لقتل الكثير من الحيوانات للحصول على كمية مناسبة قابلة للاستخدام، ولهذا، قرروا ان يستخدموا البكتيريا لكي تنتج هذا البوليمر في المختبر.
وعلى وجه اكثر دقة، فان هذا المركب يسمى “كو-بوليمر”، لانه مكون من جزئين، هيكل مكون من عدة احماض امينية متصلة بروابط هيدروجينية، والبروتين الفعلي المسئول عن الشفاء الذاتي، والذي يعد اكثر لا تبلوراً.
وفي اختبارات المعمل التي قام بها الفريق، تم قطع عينة من المادة في البداية الى جزئين، ثم قاموا بتدفئة مياه ووضعوها على مكان العينة المقسومة، وهو ما جعل الجزئين يلتحمان معاً مرة ثانية في جزء واحد، وقد قام الفريق باختبار قوتها بتعريضها لاختبارات تعليق اوزان عليها، فوجدوا انها كانت بنفس القوة التي كانت عليها قبل اتلافها.
وقد قال دميرل انه ربما يصبح في امكاننا ذات يوم ان نستخدم هذه المادة المسئولة عن الشفاء الذاتي في علاج الجروح، وهذا ما يقوم الفريق بالبحث فيه الان، او تطبيقات اخرى، مثل الادوات الطبية التي تزرع داخل جسم الانسان، فهكذا يمكن لها ان تصلح نفسها اذا تعرضت للتلف، دون الحاجة الى شق الجسم واجراء عملية جراحية لاخراجها وزرع بديل.