تعرف على خمسة خرافات عن القنبلة الذرية

في السادس من اغسطس 1945 قصفت الطائرات الامريكية مدينة (هيروشيما) اليابانية بالقنبلة الذرية الاولى، بعدها بثلاثة ايام في 9 اغسطس قُصِفَت مدينة (ناجازاكي) بالقنبلة الذرية الثانية. رغم مضي عقود فان الكثير من المعلومات الخاطئة ما زالت تحيط بقرار استخدام القنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية. الذكرى السبعين للحادثة تمثل فرصة سانحة لتصحيح بعض الخرافات حول القنبلة الذرية.
1. خرافة ان القنبلة انهت الحرب
اعتمد الكثير من الامريكيين وتقريبًا كل كتب التاريخ المدرسية الامريكية مفهوم ان استسلام اليابان في 15 اغسطس 1945 جاء نتيجة لقصفها بالقنبلة الذرية، ولكن محضر جلسات الحكومة اليابانية في ذلك الوقت يكشف ان اعلان الاتحاد السوفيتي الحرب على اليابان في 8 اغسطس ربما كان اعظم وقعًا على طوكيو من القنبلة الذرية.
فحتى ذلك الوقت كان اليابانيون ياملون ان يكون الروس وسطاء في اي مفاوضات لانهاء الحرب خاصة وان اليابان وروسيا كانتا قد وقعتا على معاهدة عدم اعتداء.
يقول المؤرخ (تسويوشي هاسيجاوا) في كتابه (سباق العدو) ان الهجوم السوفيتي هو ما اقنع القادة السياسيين بانهاء الحرب وليست القنبلة الذرية. الحدثين بالاضافة للقنبلة الذرية الثانية في 9 اغسطس حسمت معًا امر استسلام اليابان.
2. خرافة ان القنبلة انقذت حياة نصف مليون امريكي
كتب الرئيس الامريكي السابق (هاري ترومان) في مذكراته بعد الحرب ان القادة العسكريين كانوا قد اخبروه ان نصف مليون امريكيًا قد يلقون حتفهم في عملية غزو اليابان. ظل هذا الرقم راسخًا عند من يبررون استخدام القنبلة الذرية رغم ان التقديرات العسكرية لذلك الزمن لا تدعمه.
المؤرخ (بارتون برنشتاين) ذكر ان لجنة الحرب الامريكية المشتركة توقعت في منتصف يونيو 1945 ان عملية غزو اليابان والتي كان مقررًا لها ان تبدا في اول نوفمبر ستكلف امريكا 193000 من الخسائر البشرية منهم 40000 قتيل.
ولكن، وكما ذكر ترومان، فانه كان ليواجه سخطًا عارمًا من الشعب الامريكي في حالة سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا اثناء الغزو وعزوفه عن استخدام القنبلة الذرية رغم جاهزيتها.
3. خرافة ان البديل الوحيد كان غزو اليابان
عادة ما يتم عرض قرار استخدام القنبلة الذرية كالبديل الوحيد لغزو اليابان بريًا. الحقيقة انه بجانب استمرار القصف التقليدي والحصار البحري لليابان فقد كان هناك خياران اخران يتم دراستهما في ذلك الوقت.
البديل الاول كان استعراض القنبلة الذرية بتفجيرها على جزيرة غير ماهولة او في الصحراء امام عدد من المراقبين من اليابان ودول اخرى قبل استخدامها فعليا او حتى كبديل لاستخدامها. تم استبعاد هذا الخيار نتيجة لان الولايات المتحدة كانت تملك قنبلتين فقط في اغسطس 1945 ولم يكن من الممكن تبديدهما في استعراض غير مضمون النتائج.
الخيار الثاني كان القبول باستسلام مشروط لليابان. الامريكيون كانوا يعلمون من خلال اعتراضهم لرسائل يابانية ان اكثر ما كان يشغل بال اليابانيين هو عدم معاملة امبراطور اليابان (هيرو هيتو) كمجرم حرب. كان ذلك هو شرط اليابان الوحيد للاستسلام. الرئيس الامريكي (فرانكلين روزفلت) اصر على استسلام غير مشروط لليابان، وهو ما كرره (ترومان) الذي خلف (روزفلت) بعد وفاته في منتصف عام 1945.
في النهاية حصلت امريكا على استسلام اليابان غير المشروط، وفي المقابل اكد الجنرال (دوجلاس ماك ارثر)، القائد الاعلى لقوات الحلفاء في اليابان، لدبلوماسيي طوكيو بعد استسلام بلدهم على عدم رغبته في اذلال الامبراطور امام شعبه.
4. خرافة انه تم انذار اليابانيين قبل القاء القنبلة الذرية
كانت الطائرات الامريكية تلقي منشورات على المدن اليابانية لتتيح الفرصة للمدنيين لاخلائها قبل قصفها. بعد اعلان (بوتسدام)* في 26 يوليو 1945 والذي دعا القوات اليابانية للاستسلام، حذرت المنشورات من دمار عاجل وشامل ما لم تستجب اليابان لذلك الامر.
في خطاب اذاعي هدد (ترومان) بامطار من الهلاك تاتي من السماء لم تشهد الارض مثلها من قبل.
هذه الافعال جعلت الكثيرين يعتقدون بانه قد تم تحذير المدنيين من القنبلة الذرية قبل استخدامها. وحقيقة الامر مخالفة لذلك الاعتقاد، فلم يتم تحذير اهالي المدن التي اختيرت كاهداف للقنبلة الذرية على الاطلاق. تجاهُل تحذير اهالي تلك المدن كان متعمدًا فالولايات المتحدة كانت تخشى من اسقاط اليابانيين للقاذفات الامريكية التي كانت تحمل القنبلة الذرية في حالة تحذيرهم قبل القصف.
وليس من المنطقي تخيل ان ايًا من اعلان بوتسدام او خطاب ترومان كان ليحظى باهتمام خاص بعد الدمار الهائل الذي كان قد اصاب المدن اليابانية جراء قصفها بالقنابل الحارقة وشديدة الانفجار بشكل منتظم، ففي شهر مارس 1945 وحده سقط 100 الف قتيل جراء قصف طوكيو.
5. خرافة انه تم توقيت استخدام القنبلة لاكتساب ميزة دبلوماسية على روسيا وانها كانت ورقة ضغط رابحة على روسيا في مرحلة مبكرة من الحرب الباردة
ظل ذلك الادعاء من دعائم التاريخ التنقيحية التي تقول ان صناع السياسة الامريكيين كانوا ياملون ان تنهي القنبلة الذرية الحرب ضد اليابان قبل انضمام السوفييت للصراع مما قد يمنح الروس دورًا مؤثرًا في تسويات ما بعد الحرب. كما كان الامريكيون يودّون ابهار الروس بقوة السلاح الجديد الذي لم يكن يمتلكه احد غيرهم وقتها.
في واقع الامر، التخطيط العسكري هو الذي املى توقيت استخدام القنبلة الذرية، فالاوامر كانت باستخدام القنبلة فور جاهزيتها.
ولكن اعتبارات ما بعد الحرب اثرت بالفعل على اختيار الاهداف التي سيتم قصفها. فاصدر وزير الحرب الامريكي (هنري ستيمسون) اوامره بحذف مدينة (كيوتو) من قائمة المدن المستهدفة لاهميتها التاريخية والثقافية الكبيرة.
ترومان وافق على ذلك لانه كان يرى ان المرارة الناجمة عن قصف تلك المدينة بما تحمله من تراث حضاري سيجعل عملية المصالحة بين الامريكيين واليابانيين بالغة الصعوبة وقد يجعل روسيا اقرب لليابان بعد الحرب.
كان (جيمس بيرنز) مثل ترومان يامل في ان تكون القنبلة ورقة ضغط على الاتحاد السوفيتي في المحادثات الدبلوماسية اللاحقة، ولكن كلاهما اصيب بخيبة الامل.
بعد عودته من اول اجتماع لوزراء الخارجية بعد الحرب في لندن في سبتمبر 1945، اعرب بيرنز عن حسرته قائلا “ان الروس عنيدون، متصلبو الراي وليس من السهل اثارة خوفهم.”
ترجمة ساسة بوست

Please rate this

0 1 2 3 4 5
Scroll to Top